يُنهي النائب عن الحركة الإسلامية في القائمة المشتركة، مسعود غنايم، 10 أعوام من العمل البرلماني، وفق النظام الداخلي في الحركة الإسلامية، والذي يحدد انتخاب النواب 3 فترات انتخابية كحد أقصى.

وانتخبت الحركة الإسلامية في مؤتمرها العشرين، الذي عقدته في تاريخ 15.09.2018، د. منصور عباس رئيسا للقائمة العربية الموحدة، خلفا للنائب مسعود غنايم، ومرشحها للمكان الأول ضمن قائمتها لانتخابات الكنيست.

وجدد المؤتمر المذكور الثقة لباقي النواب على النحو التالي: النائب عبد الحكيم حاج يحيى، انتخب للمكان الثاني، والنائب طلب أبو عرار للمكان الثالث، والنائب سعيد الخرومي للمكان الرابع، في حين سيجري مطلع العام الجاري 2019 عقد المؤتمر العام لانتخاب المرشحات للمكانين الخامس والسادس، علما أنهما مخصصان للنساء.

ويعيدني الحوار مع إنهاء النائب غنايم عمله البرلماني إلى العام 2008، حين عملت مراسلا في منطقة البطوف، وعرفت غنايم بقيادته للعمل السياسي في الحركة الإسلامية في سخنين، وكان قد انتخب ليشغل المكان الخامس في القائمة العربية الموحدة في حينه، لمز أحد الزملاء ساخرا "يخيّل له بأنه سيكون عضو كنيست" ولمعرفتي بقدراته ومحبة الناس له أجبته على الفور دون تردد "أراه منذ اليوم نائبا في الكنيست".

انتخب غنايم لأول مرة في العام 2009 ضمن القائمة العربية الموحدة، كعضو خامس فيها والتي تشكلت في حينه من الحركة الإسلامية (الجنوبية)، الحزب الديمقراطي العربي والعربية للتغيير، وواصل  إلى أن تولى بنفسه رئاسة الموحدة.

كان غنايم، ابن مدينة سخنين، يعمل مدرسا لمادة التاريخ، ويعتبر أحد أعمدة الحركة الإسلامية في منطقة البطوف، هو والد لأربعة أبناء أكبرهم خالد الذي أنهى لقبه الجامعي الأول وأصغرهم في المرحلة الابتدائية.

"عرب 48": تُنهي عملك البرلماني بعد 10 سنوات... كيف تقيّمه الآن؟

غنايم: أنهي حقبة العمل البرلماني، ولكنني سأبقى في العمل الشعبي الميداني، وسأبقى ضمن نطاق واجبي في الحركة الإسلامية وفي الهيئات الشعبية كلجنة المتابعة. البرلمان منبر لا يمكن التقليل من أهمية وجودنا فيه، بل أقول إننا حققنا أهدافا عظيمة في العمل البرلماني، وهي فرصة لأن أشكر زملائي في القائمة المشتركة، الذين أمضيت أعواما معهم وإلى جانبهم في مسيرة نيرة في خدمة شعبنا وكفاحنا العادل ضد العُنصريّة والتمييز ومن أجل حياة كريمة عزيزة في وطننا، هذه المسيرة وهذا المشروع يجب أن يبقى ويستمر ويتعزّز.

"عرب 48": كما تعلم تتواصل مخططات رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، لضرب القائمة المشتركة، فهل تنجح مخططاته؟

غنايم: تواصلت مساعي نتنياهو، مؤخرا، ونجحت المعارضة في إفشالها وخاصة مساعيه لخفض نسبة الحسم، ولنتذكر أن هدف رفع نسبة الحسم كان منع تمثيلنا كعرب في البرلمان، والاقتراح لخفض نسبة الحسم كان جاهزا من خلال قانون سعى إليه نتنياهو، وبكل تأكيد له أهداف أخرى من هذا القانون، ولكنه صرح بنفسه أنه يريد تفتيت القائمة المشتركة ولا يريد للأحزاب العربية أن تبقى موحدة وأن تستمر كونها الكتلة الثالثة في الكنيست، وهو لا يريد لها هذه الوحدة، ولذلك تواصلت محاولاته حتى الدقيقة التسعين لضرب المشتركة من خلال خفض نسبة التصويت، آملا أن يدفع ذلك إلى انشقاق في القائمة المشتركة.

"عرب 48": لكن نتنياهو يحتاج إلى "شركاء" من داخل القائمة المشتركة لضربها وتفتيتها..

غنايم: لم ينجح نتنياهو في فرض قانون لخفض نسبة الحسم، وشركاؤه في الائتلاف لم يسمحوا له بذلك حرصا على عدم ضرب الأحزاب اليمينية وإضعاف معسكره، وأيضا أعضاء القائمة المشتركة رفضوا التعاون معه في مسعاه هذا.

أعتقد أن هذا درس لشعبنا ولأحزابنا، ونحن علينا أن نحرص على هذا البيت وعلى هذا المشروع، لأن القائمة المشتركة يجب ألا تكون محطة برلمانية فقط، وإنما هي مشروع وطني متكامل، وجزء من العمل تنظيم العمل الوطني والسياسي الفلسطيني المتكامل في الداخل، ونحن نستطيع أن نحقق ذلك.

نعم، السنوات الأولى الأربع كانت تجربة تعلمنا فيها كيف نعمل سوية، وقد شهدت خلافات ونقاشات، وكان من الصحي أكثر أن نعرف كيف ندير هذه الخلافات، ولكن هذا ليس سهلا. نحن نتحدث عن أحزاب وحركات سياسية تحمل إيديولوجيات مختلفة ومجرد وجودها في إطار واحد هو إنجاز، وهي سارت عكس التيار السياسي التاريخي الذي يمر فيه العالم العربي من حولنا، العالم العربي يمر في مرحلة انقسام وتشرذم واحتراب طائفي وسياسي.

قمنا بعمل مشرف وعمل كبير من خلال تواجدنا في إطار واحد وتحت مظلة واحدة، ومحافظتنا على التعددية الإيديولوجية والفكرية، ولم نقل يوما إنه في القائمة المشتركة كل سيذوب في الآخر، لا أبدا، بل قلنا إن التعدد والاختلاف لا يجب أن يطغى على الخطوط العريضة التي يتفق عليها شعبنا. ومجرد استهداف اليمين لنا كنواب عن القائمة المشتركة يدل على مدى أهمية وفاعلية هذا البيت السياسي الوطني البرلماني الذي يجب أن نتشبث به.

يجب أن نذكر أن القائمة المشتركة هي أولا إنجاز للشعب الذي أراد هذه الوحدة، والذي هدد بعدم الخروج للتصويت ما لم نتحد. نعم، كانت قضية رفع نسبة الحسم بمثابة محرك كبير، لا ننكر ذلك، ولكن الذين نسوا رفع نسبة الحسم التي بادر إليها ليبرمان هي جزء من سياسة وأجندة المواطنة والولاء والتي هدفت لمنع تمثيل العرب الفلسطينيين في الداخل، وتبع ذلك قانون الإقصاء الذي وُجه خاصة ضد نواب القائمة المشتركة، لأنه وكما نقول دائما، إن نتنياهو واليمين لا يريدون عملا سياسيا برلمانيا عربيا بالصورة والطريقة واللون الذي تتميز به القائمة المشتركة وأحزابها الوطنية.

نحن نؤكد على أهمية عملنا السياسي العربي الذي لا يتوقف عند مطالب الحياة اليومي، نريد ذلك بعزة وشموخ واحترام واعتزاز بقضايانا الوطنية. وفي مقابل ذلك تمارس إسرائيل نفس السياسة منذ العام 1948، وهي مقايضة كسرة الخبز أو الأمور المطلبية اليومية بالهوية، والقائمة المشتركة تجسد الأمرين بمعنى هي تجسد الاعتزاز الوطني والقومي وعدم التنازل عن الهوية الوطنية والتمسك أيضا بالمساواة والعدالة الاجتماعية.

"عرب 48": على ذكر قانون الإقصاء فهو أيضا استخدم فقط ضد عضو من القائمة المشتركة، إلى جانب مجموعة قوانين كانت هي الأشرس عنصريا خلال هذه الفترة؟

غنايم: نعم، قانون الإقصاء أعد أصلا من أجل استخدامه ضد نواب القائمة المشتركة، واستخدم في حالة النائب د. باسل غطاس. تميزت الكنيست في دورتها الـ20 بجملة من القوانين العنصرية، ولعل أخطرها "قانون القومية" ومعه مجموعة من القوانين التي لا تنتهي، والتي تستهدف وجودنا كعرب فلسطينيين في هذه البلاد.

"عرب 48": على ذكر الكنيست الـ20، ألم تشعر يوما في ظل هذه التشريعات العنصرية بعدم فاعلية العمل البرلماني؟

غنايم: علينا ألا ننسى أنه عندما نخوض المعترك البرلماني نحن ندخل إلى حيز آخر مختلف لا يمثلنا. هذا البرلمان، بعلمه وشعاره ونشيده، لا يمثلنا كعرب فلسطينيين في هذه البلاد.

نعم، تأتي لحظات من الإحباط، ولكن يجب ألا نقلل أبدا من أهمية العمل البرلماني في التصدي لمحاولات نزع شرعية وجودنا وهويتنا.

هذه الدورة كانت الأشد استشراسا لليمين المتطرف في كل القوانين العنصرية والتمييزية وعلى رأسها "قانون القومية"، وحكومة اليمين رأت في القائمة المشتركة عدوا لها، ورأت فينا ممثلا شرعيا للعرب الفلسطينيين في الداخل، ولذلك استهدفت القائمة المشتركة.

"عرب 48": تنهي 3 فترات انتخابية وفقا للنظام الداخلي في الحركة الإسلامية، ألا ترى هذا النظام مجحفا، خاصة وأنت لا زلت في أوج عطائك، وكذلك بحق بعض من سبقوك؟

غنايم: لا أقول إجحاف، ولكنه تداول للمناصب، وأنا لا أترك واجبي الميداني، وقد يحتاج النظام الداخلي إلى تعديلات طفيفة مثل تحديد الحد الأقصى بعدد سنوات، ولكن عليك ألا تنسى أن أي قيادة تدوم سنوات طويلة أكثر مما ينبغي هي مفسدة، ولذلك يجب أن يكون حد أقصى للبقاء في مواقع القيادة.

نحن في الحركة الإسلامية والقائمة الموحدة نتبع مبدأ الشورى والتداول على مستوى رئاسة الحركة الإسلامية، وهو النهج الراشد في العمل السياسي والجماهيري بل ويشكل نموذجا يتطلع إليه شعبنا بسلوكه ونهجه السياسي، ومن إيجابياته أنه يضخ دائما دماء وطاقات جديدة للعمل السياسي، ويتيح المجال لأصحاب كفاءة آخرين لأخذ حظهم ودورهم، ويضمن في نفس الوقت عدم تكريس ثقافة الشّخصنة والتّملُّك وتسلّط الوسيلة على الغاية والشّخص على المشروع، وهكذا نبقى كأشخاص في خدمة مَنظومَة ومشروع وليس العكس.

"عرب 48": انتخبت هيئات الحركة الإسلامية د. منصور عباس خلفا لك، بماذا تنصحه؟

غنايم: أولا، أتمنى لأخي د. منصور عباس النجاح التوفيق، ولا ننسى أنه وإن كانت التجربة البرلمانية الأولى له، فهو قائد سياسي من الطراز الرفيع وله تجربة غنية في العمل السياسي. كلي ثقة أنه سيترك بصمة نيرة في العمل البرلماني، ولكن هي نصيحة أسديها له ولكل نائب جديد أن "لا تنسى من أين أتيت" وأعني الارتباط بالميدان والعمل الشعبي الذي هو أصل عملنا السياسي.

"عرب 48": عرفناك قبل العمل البرلماني في قيادة الحركة الإسلامية في سخنين، فهل نشهد عودة حراك شعبي وسياسي للحركة الإسلامية في سخنين؟

غنايم: بطبيعة الحال سيكون لي الوقت الكافي الآن للعمل المحلي في مدينة سخنين وفي الحركة الإسلامية، محليا وقطريا، وكذلك سأواصل مهامي في العمل الميداني الوطني وفي الهيئات الشعبية المختلفة.

"عرب 48": كيف تقبلت عائلتك، أعني الزوجة والأولاد، إنهاء عملك البرلماني؟

غنايم: تقبلوا الأمر بسعادة بالغة، وهذا أمر طبيعي. طبعا فرحوا حينما انتخبت لأول مرة كنائب في البرلمان، ولكن لا ننسى أن هذا العمل فيه ثمن اجتماعي وعائلي، وهم سعيدون لأن إنهاء عملي البرلماني يتيح وقتا أكبر للعائلة والواجبات الاجتماعية، وأنا أتفهم ذلك.

"عرب 48": أخيرا، بعد أن تترك الميدان البرلماني، هل ستعود لممارسة مهنة التدريس؟

غنايم: أحب مهنة التدريس، وعلى الأغلب نعم سأعود إلى مهنة تدريس موضوع التاريخ. هذه المهنة من أحب المهن إلى قلبي ولطالما كان لها أثرا في نفسي، كما أرغب أيضا بالعودة إلى مقاعد الدراسة الجامعية.

اقرأ/ي أيضًا | كرت نتنياهو لضرب المشتركة وتشتيت اليمين

اقرأ/ي أيضًا | شلحت: لإسرائيل قوة أكبر لفرض إملاءاتها على "صفقة القرن" بعد الانتخابات